التعريف

جماعة إخوة يَسوع الفادي الرُّهبانيّة: جماعة رُهبانيّة ذات حقّ أبرشي وروحانيّة مَشرقيّة سريانيّة، تابعة لأبرشية الموصل للسريان الكاثوليك؛ ومرتبطة بسيادة راعي الأبرشية. فهو مُنشئها، حسب قانون الكنائس الشرقية الكاثوليكية، وتخضع له بكل ما يرسمه الحق العام وقانون حياة جمعية إخوة يسوع الفادي.

البدايات

بدأ الإخوة الأوائل الأربعة: وسام مارزينا خضر كرو، رائد فاضل خضر جبو، نوفل حبيب يعقوب موميكا وياسر نعيم رفو عطاالله، دعوتهم، بصورة غير رسمية، منذ عام 1997، من خلال لقاءاتهم في الأنشطة الكنسيّة المختلفة في قره قوش، خاصّة جماعة الصلاة وانطلاقا منها ومن حاجة الكنسية في قره قوش خاصَّةً وكنيسة العراق عامَّةً، اتفقوا على تكوين جماعة روحية ترتوي من ينبوع الماضي وتنفتح على المستقبل بالتجديد لعيش الحاضر بالإقتداء بالرب يسوع المسيح وتقديم شهادة للعيش الإنجيلي. وكان لاستمرار لقاءاتهم، في “بيت النعمة“، وهي دار قديمة في قره قوش، للصلاة والتشاور، الأثر في بلورة الأُسس الأولى للبدء في عيش الحياة المشتركة في سنة الخبرة الأولى من حياتهم الرهبانية في الموصل، بمباركة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى رئيس أساقفة الموصل للسريان الكاثوليك، الجزيل الاحترام، وتحت رعايته، في 28 تشرين الأول 2001، في دار قديمة في حي الميدان، قرب مطرانية السريان الكاثوليك. مُركّزين على حياة الصلاة والعمل والدرس ضمن برنامج وضِِعَ ونُظِّمَ مع راعي الأبرشية، ومُرافق الجماعة ومُرشدها الخورأسقف بطرس موشي، النائب الأسقفي العام لأبرشية الموصل.بعد سنة الخبرة الأولى في الموصل، انتقل الإخوة إلى بغداد لمتابعة تنشئتهم، بدراسة الفلسفة، لسنتين، في كلية بابل الحبرية للفلسفة واللاهوت (تشرين أول 2002 – حزيران 2004). وخلالها رقد بالرب الأخ نوفل حبيب، في 28 كانون الثاني 2004، إثر حادث سير مؤسف مع قوات الاحتلال الأميركية على طريق بغداد الموصل، لدى عودته إلى الموصل برفقة الأخ رائد، الذي أُصيب، هو الأخر، إصابة بليغة لا يزال يعاني منها، وقد أجرى أخر عملياته الجراحيّة في أيلول 2006.

الابتداء

بعد سَنَتَي الفلسفة عاد الإخوة إلى الموصل، وَسَكنوا دارًا في حي الكفاءات، للتهيئة لسنة الابتداء القانوني، الذي تمنّوا وضحّوا ليتمَّ في العراق، طارقين أبوابًا عَديدة لكن، ومع الأسف، كان لكلِّ باب قفله. استمرت هذه الفترة، مُعتَبرينَها فترة ما قبل الابتداء، من 1 آب 2004 ولغاية سفر الإخوة إلى لبنان في 30 نيسان 2005، حيث شاءت المشيئة الإلهية أنْ يتمَّ الابتداء في دير مار اشعيا المبارك التابع للرهبنة الأنطونية المارونية في لبنان في 1 أيار 2005. خلال سنة ما قبل الابتداء، عمل الإخوة على وضع مسودة قانون حياة إخوة يسوع الفادي، على ضوء خبرتهم الروحية والرسولية الرهبانية المتواضعة التي عاشوها خلال السنوات الماضية؛ وما كانوا قد أثبتوه من نقاط وملاحظات مع سيادة راعي الأبرشية ومع بعضهم البعض في اجتماعاتهم الخاصّة حول هذا الموضوع. وعلى اثر ذلك اصدر راعي الأبرشية مَرسومًا أُسقفيًا أعلن فيه تأسيس “جمعية إخوة يسوع الفادي الرهبانية” في 6 شباط 2005. وفي سنة الابتداء عمل الإخوة، بمباركة مُعلّم الابتداء الأب فادي مسلّم الأنطوني، مع الأب جوزيف عبد الساتر الأنطوني، المُتخصّص القانوني، على وَضع مسودة شبه نهائية لقانون حياة جمعية إخوة يسوع الفادي الرهبانية. أعاد الإخوة مراجعتها في دير يسوع الفادي، في قره قوش، في مرحلة أخيرة. وعُرِضت على راعي الأبرشية ليرفعها الى المجمع الشرقي. ولكن مع الأسف فُقدت هذه المسودة مع ما فقده الدير خلال احتلال عصابات داعش لمنطقتنا في 2014.

إبراز النذور  وافتتاح الدير

في 7 تموز 2006، في احتفال هاديء وبهيج ابرز الإخوة الثلاثة نذورهم البسيطة المؤقتة الأولى، في كنيسة الطاهرة في قره قوش أمام سيادة راعي الأبرشية. مُتّبعينَ رتبة خاصّة أعدّوها بأنفسهم. وكانوا قد بدأو حملة تهيئة وترميم لدار ابتاعته مطرانيه السريان الكاثوليك، في الحي العسكري في قره قوش، ليكون دَيرًا للجماعة الرهبانية الفَتية. ابتدأت هذه الحملة منذ 9 حزيران 2006، وهو اليوم الأول للسكن فيه، وانتهت في افتتاح الدير في 23  أيلول 2006، بعد عمل وعناء دؤوب انكبَّ عليه الأخوة مُدَّة أربعة أشهُر تقريبًا. وتمَّ تكريس وافتتاح “دير يسوع الفادي“، من قبل راعي الأبرشية وحضور عدد من الآباء الكهنة والراهبات ولفيف من الأهل والأصدقاء والجيران، للصلاة والعمل والاستقبال لتمجيد اسم الرب. بعد افتتاح الدير رسميًا بدأ الإخوة فترة تهيئة وترتيب لشؤون الجمعيّة الرهبانيّة. فانعقد المجمع الرهباني الأوّل للفترة 4-9 كانون الأوّل 2006، لدراسة شؤون الجماعة الداخليّة وكافة المواضيع التي طُرحت ورُتّبت منذ فترة الابتداء للخروج بنتائج تُنير مسيرتها وتضعها على الطريق في مواجهة كلّ التحديات التي تُلاقيها خلال هذه الفترة والخروج برؤية مستقبليّة لوضع الجمعيّة والكنيسة على ضوء المعطيات الحالية. كما بدأ الأخوة العمل على تنظيم أرشيف  الجمعيّة في عملية تبويب وترتيب له. بالإضافة الى تهيئة الدير ومستلزماته خاصّة البستان وورشة العمل اليدوي.

بعدها بدا الاخوة تكملة تنشئتهم ودراستهم اللاهوتيّة. فأتم الاخ وسام دراسته في الجامعة الاوربانية في روما (2007-2011)، وأتمّ الاخوة ياسر ورائد دراستهم في كلية بابل الحبرية في عنكاوا (2007-2011). وكان خلال هذه الفترة ان استقبلنا شابين للدخول في حياتنا الرهبانية، ولكنهما تركاها بعد فترة.

جّهّر الإخوة بنذورهم الدائمة في 3 آب 2009 في كنيسة الطاهرة في بغديدا، وكان الاخوة قد سبقوه بعقد المجمع الرهباني العام الثاني في تموز 2009.

الرسامات الشماسيّة والكهنوتيّة

قرّر الإخوة الرّهبان ترشيح واحدا منهم لقبول السيامة الكهنوتيّة، فتمّت سيامة الأخ الرّاهب رائد فاضل جبو كاهنا بوضع يد سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى المدبر البطريركي، بتاريخ 16 كانون الاول 2011، لتأمين الاحتفال الافخارستي بالدير. واقتَبَل الأخ الراهب ياسر نعيم عطالله السيامة الكهنوتية بوضع يد راعي الأبرشية مار يوحنا بطرس موشي، في كنيسة الطاهرة بتاريخ 2 شباط 2013.

روحانية الجمعية

تتمحور روحانيّة الجماعة ورسالتها حول ثلاث محاور رئيسيّة، وهي المحاور الأساسيّة في التقليد الرُّهباني:

1.حياة الصلاة: سواء كانت الجماعيّة أم الفرديّة. الليتورجية أم غيرها من الصّلوات. وتَعتبر الجماعة الكتاب المُقدّس ينبوع الروحانيّة والصّلاة.

2. حياة العمل: سواء داخل الدّير أو خارجه. والهدف منه: أولاً: مشاركة الآخرين أتعاب الحياة اليوميّة، والتّضامن معهم في واقعهم وحياتهم، وخاصّة في الأوساط الفقيرة، فالجماعة تؤمن أن رسالة يسوع هي رسالة الفقراء والمساكين والخطأة (لو 18/4)، وأنّ الكنيسة هي "كنيسة الفقراء" وتَعتبر قضية تبنّي الفقراء نداءًا نبويًّا يتوجّه الى المجتمع ليؤكد انّ الله حاضر بينهم وفيهم. ثانيًا: عملا بقول القديس بولس: "مَن لا يعمل لا يأكل" (2 تس 10/3)، تسعى الجماعة لتأمين عيشها وحاجاتها من خلال عملها، إسوةً بالاخرين.

3. الحياة المشتركة، إنَّ ما يؤطّر حياتنا ورسالتنا، من صلاة وعمل ودراسة، هي حياتنا المشتركة التي توحّدنا، وتَجمعنا بالمسيح. فالعيش المشترك كإخوة، يشكل عنصرًا أساسيًّا من هذه الرسالة.

تؤمن الجماعة بالعيش المشترك وقد جاء اختيار الحي العسكري، الذي يتواجد فيه إخوتنا المسلمون في سياق هذا الاختيار، وتجسيًدا للعيش معًا بأمانٍ وسلامٍ وانفتاحٍ،  رغم الاختلاف الذي يبقى مصدر غنى الطرفين. عادة ما تختار الرهبنة المناطق التي لا ينالها قسط كافي من الاهتمام، لتكون مكان انطلاق وخدمة الجماعة بما يتناسب مع توجّهها في دعوتها الرهبانية. والدّير ليس كنيسة مستقلة، بل جسر يُحاول أن يَربط المنطقة بالكنيسة الأم، التي نَحن جزءٌ منها. واليوم بدأ الإخوة حضور جديد للدير من خلال دير يسوع الفادي الجديد في الدشتا.

الرسالة

من أهم النشاطات التي تقوم بها الجماعة الرهبانيّة، احتضان جماعات الصّلاة ورعايتها؛ تهيئة الرياضات الروحيّة، شخصية أو جماعية والجماعة تؤمّن المُرافقة الروحيّة الضروريّة؛ بالإضافة إلى إعلان الكلمة من خلال التعليم في الدورات الكتابية او اللاهوتية والندوات، وايضا من خلال الكتابة والنشر، او الاذاعة والمواقع الالكترونية. تقوم الجماعة باصدار "المجلة الليتورجيّة" وهي مجلة تُعنى بالليتورجية. ينشر الاخوة الرهبان عدد من الكتب الطقسيّة والايمانيّة. كما وأن الجماعة تتعاون مع الابرشية، عند الطلب منها وبما لا يتعارض مع برنامجها الرهباني، في الانشطة الرعوية المختلفة؛ من تأمين القداديس او في التعليم المسيحي والانشطة الشبابية الاخرى.

الحياة اليومية

منهاج الإخوة الرُّهبان الأساسي، في الدّير، يتناوب ما بين الصّلوات الخورسيّة: صلاة الصّباح (أَفرُا) وصلاة السّاعات، وصلاة المساء (رَمشُا)، والعمل كلٌّ حسب برنامجه سواء داخل الدّير أو خارجه، وبقية الانشطة والالتزامات. يُنظّم الاخوة الرُهبان شؤونهم عمومًا في اجتماعاتهم الدوريّة الشهريّة. واجتماعهم الأسبوعي لمراجعة الحياة بشكل جماعي. ويَختمون نَهارهم بصلاة السّهر.

بعد التهجير

من بعد الاحداث الأليمة الّتي حَلّت على مناطقنا، وبسبب تَهجيرنا القسّري منها، تَرَكَ الإخوة دَيرهم وجميع ما فيه بتاريخ 6/8/2014. إستَلَم الإخوة في بداية النزوح مَركزين هما: مدرسة الحكمة، مدرسة عنكاوا  ليهتموا بالنازحين قدر المستطاع، بالتعاون مع الأخوات الراهبات الدومنيكات. ومن ثم قرَّروا أن يَتبعوا النازحين إلى المركز الجديد في كسنزان-اوزال ستي، من تاريخ 1/12/2014 وحتى العودة الى بغديدا.